العرف وأثره فی تغیّر الأحکام والفتاوی و تحقیق مقاصد الشریعة الإسلامیة

توضیح

حظیت أعراف الناس وعاداتهم بقدسیة کبیرة فی المجتمعات القدیمة قبل الإسلام ، فکانت هی القوانین المبجّلة التی یجب طاعتها ویُمنع منعًا باتًا مخالفتها ؛ وبهذا أصبحت الحَکَم فی النزاعات والخصومات ، والقاضی بین الأفراد والجماعات . وحینما جاء الإسلام وجد مجتمع الجاهلیة کغیره من المجتمعات فی تلک الفترة ، ملیئًا بالعادات والتقالید التی ترکها الآباء فحافظوا علیها ، بل تشددوا وغلوا فیها ، وکان من ضمن تلک العادات عادات قبیحة فنهاهم عنها کما قال تعالى : {وَإِذَا قِیلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَیْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ کَانَ آبَاؤُهُمْ لَا یَعْلَمُونَ شَیْئًا وَلَا یَهْتَدُونَ} [المائدة: 104] ، وفی بعضها الآخر أعراف طیبة تدعو إلى ما جاء به النبی  من مکارم الأخلاق فأقرّها . وما هذا الإقرار لتلک الأعراف إلا دلیل على مراعاة الشریعة لمصالح الناس ورفع الحرج والمشقة عنهم ، تحقیقًا لمقصد الشریعة الأعظم : (جلب المصالح ودرء المفاسد) . بل تعدى الأمر إلى إحالة کثیر من أحکام الشریعة إلى العُرف السائد بین الناس ، کمقدار النفقة على الزوجة والأولاد ، ومقدار متعة المطلقة ، ومقدار المهر ، وغیرها کثیر مبثوث فی کتب الفقه . کما أجمع الفقهاء على مراعاة أعراف الناس فی الفتوى ، وتغییر الأحکام الشرعیة المبنیة على العُرف متى ما تغیّر العُرف ، وشنّعوا على من بقی جامدًا على فتاوى السابقین فی هذا المجال . ویأتی هذا البحث لدراسة (العُرف وأثره فی تغیّر الأحکام والفتاوى ، وتحقیق مقاصد الشریعة) وفق الخطة التالیة : مقدمة ، ثم مبحث أول لبیان معالم العُرف فی الشریعة الإسلامیة : فحددت تعریف العُرف وأقسامه ، ثم حجّیته وشروط اعتباره ، ثم تعرضت فی المبحث الثانی لتغیّر الأحکام والفتاوى بتغیر العُرف : فبیّنت أسباب تغیّر العرف ، ثم وجوب تغیّر الأحکام والفتاوى بتغیّر العرف ، ثم تعرضت فی المبحث الثالث للعُرف وتحقیق مقاصد الشریعة الإسلامیة : فتحدثت عن المصلحة الشرعیة ومراعاة العُرف ، ثم علاقة العُرف بمقاصد الشریعة الإسلامیة ، وأنهیت بخاتمة تضمنت أبرز النتائج .
واژه های کلیدی: العرف، الشرع، القانوف، الطلاق، الشریعة.