وسائل المقاصد بین الثبات و التغییر

توضیح

جاءت أحکام الشریعة الإسلامیة تحتمل مقاصد سامیة ترتقی بالمجتمع البشری وتسمو به إلی أرفع درجات الإنسانیة وأرقاها، وکان لهذه المقاصد وسائل تؤدی إلیها، حیث إن هذه الوسائل هی الآلیة العملیة لتطبیق مقاصد الشریعة. والتمییز بین المقاصد والوسائل أمر فی غایة الأهمیة؛ حیث إن للمقاصد خصائص ومضامین وللوسائل خصائص ومضامین مختلفة، والخلط بینها یؤدی إلی خلل فی فهم أحکام الشریعة وخلل فی استنباط الفروع الفقهیة فیها؛ وذلک أن المقاصد الشرعیة فی حقیقة الأمر من أصول الشریعة وأسسها؛ ولذا فهی غیر قابلة للتغیری أو التبدیل وإلا لانهدمت أسس الشریعة وبنیانها. أما الوسائل فی الشریعة الإسلامیة فهی أدنى مرتبة من المقاصد، وهی تابعة لها وتسقط بسقوطها؛ إذ هی غیر مقصودة لذاتها فی الغالب، وإنما قصد بها تحقیق المقاصد والغایات التی شرعت لأجلها. وعلى هذا الاعتبار فإن الوسائل فی الشریعة الإسلامیة قسمان: قسم ثابت لایتغیر ولا یتبدل وذلک إذا ما کانت هذه الوسیلة منصوصا علیها وجاءت متعَبدًا بفعلها، أو إذا جاءت بدلیل قطعی. وقسم قابل للتغییر والتبدیل، وذلک إذا ما کانت هذه الوسیلة مسکوتا عنها، أو جاءت غیر متعبد بفعلها أو بدلیل غیر قطعی، وهذا کله إذا أصبحت هذه الوسیلة عاجزة عن تحقیق المقصد الشرعی الذی شرعت لتحقیقه، و وجدت وسیلة أخرى هی أقدر على تقیق هذا المقصد الشرعی.