التضخم النقدی و أثره فی الدیون من منظور الفقه الإسلامی (دراسة مقارنة)

توضیح

فإن التضخم النقدی من أکبر المشکلات الاقتصادیة المعاصرة التی تواجه دول العالم على اختلافها ، لما یترتب علیه من آثار خطیرة تهدد اقتصادیات هذه الدول وتزعزع استقرارها وتعوق نموها أو تربکه . ومن الآثار الخطیرة التی تترتب علی التضخم النقدی التغیر فی قیمة النقود ، حیث تنخفض معه قوتها الشرائیة " التبادلیة " ، وکلما ازداد حجمه انخفضت معه هذه القوة الشرائیة تبعاً له إلى درجة قد تصبح معها هذه القوة زهیدة وتافهة وتفقد قیمتها ووظائفها ، مما ینعکس أثره علی النظام النقدی ، وربما أدی إلى انهیار هذا النظام کله .
ونظراً لأنه مما یعانی من مشکلة التضخم النقدی الدول الإسلامیة کغیرها من الدول ، فإنه تثور مشکلة أخری وهی أثر التضخم النقدی فی الدیون الآجلة أیاً کان سببها ، وکیفیة أداء هذه الدیون عند حلول أجلها إذا تغیرت قیمة النقود بالانخفاض بسبب هذا التضخم ، سیما النقود الورقیة باعتبارها النقود المتداولة فی جمیع دول العالم فی هذا العصر وأکثرها تأثراً بالتضخم النقدی ، وهل تؤدی هذه الدیون حینئذ بالمثل أم بالقیمة ، الأمر یقتضی بحث هذه المسألة لبیان حکمها الشرعی بجلاء ووضوح ، باعتبار أن هذه المسألة من المسائل الشائکة فی عصرنا الحاضر وأصبحت تشغل بال کل مسلم حریص على دینه بعد أن بات التضخم ظاهرة منتشرة فی کثیر من هذه الدول الإسلامیة ، حتى یکون أبناء الأمة الإسلامیة على بینة من الحکم الشرعی لها ، فیلتزمونه امتثالاً لأمر الشرع ، فیسعد بهذا الامتثال لشرع الله الفرد والمجتمع ، وتنهض أمتنا الإسلامیة وتتقدم وترتقی بالتزامها لشرع الله فى کل مناحی الحیاة .