عقـوبة المدین المماطل فی أداء الدین

توضیح

نعیش الیوم فی عصر قد کثرت فیه وجوه التعاملات التی یترتب علیها الدین، سواء فی الانتاج أو التجارة الداخلیة والخارجیة. وشاع فی ذلک عقد الصفقات عبر وسائل الاتصالات المختلفة, فأصبح التاجر یعقد الصفقات التجاریة بمبالغ کبیرة مع عملائه فی بلاد مختلفة فی بضع دقائق. وسرعة المعاملات فی العصر الحاضر جعلت لإیفاء الدین فی موعده أهمیة کبیرة لم تکن من قبل. وإن وصول الدائن إلى حقه عن طریق القضاء عند تأخر المدین و مماطلته فی الأداء صار عسیرا و بطیئا فی معظم بلاد العالم ومحمَّلا بتکالیف إضافیة نظرا لاختلاف بلد الدائن عن بلد المدین.
والدائنون ینقسمون إلى قسمین: قسم یأکلون الربا والآخرون لا یأکلونه .والمدینون یفضلون أداء دین الذین یأکلون الربا خوفا من ازدیاده به ویماطلون الآخرین بحقهم. وبهذا یواجه الذین لا یأکلون الربا صعوبات مزعجة فی بلاد لا یتعامل الناس فیها بأحکام الإسلام .فمماطلة المدین مشکلة کبیرة یجب حلها.
قام العلماء ببحوث کثیرة لحل هذه المشکلة فی عصرنا هذا، وعقدوا لذلک ندوات متعددة وأصدروا فیها فتاوى مختلفة؛ بعضها یلزم المدین المماطل القادر على الوفاء بغرامة مالیة وبعضها یمنع ذلک ویعده ربا، وبعضها یحلُّ المشکلة بطریقة أخرى .فالفتاوى المتعلقة بلغت إلى أربعة اتجاهات: الأول منها یلزم المدین المماطل بغرامة مالیة تماثل عمله, والثانی یلزمه بغرامة مالیة لا تماثل عمله والثالث یحدث صیغة جدیدة للبیع مؤجلا لحل هذه المشکلة والرابع یمنع إلزام المدین المماطل بغرامة مالیة ویعده ربا, وسنذکر هذه الفتاوى کلها مع أدلتها ونرد ما نراه مخالفا للکتاب والسنة.