حمایة الشریعة الإسلامیة للبیئة الطبیعیة – دراسة فقهیة مقارنة

توضیح

إن الله تعالی قد خلق الکون على نظام محکم، کل شیء فیه قائم على التقدیر الدقیق، والترابط والتکامل، والبیئة الطبیعیة جزء من هذا الکون، ونصوص الشریعة توضح لنا بما لا یقبل الشک أن للبشر یداً فی تلویثها وتخریبها وتعطیل الحیاة فیها، ویعتبر تلوث البیئة من أبرز قضایا العصر الحدیث، ومن أم المشکلات التی أولتها دول کثیرة اهتماماً بالغا کما عقد من أجلها العدید من المؤتمرات والندوات على الصعیدین الدولی والمحلی، ولقد کان للإسلام السبق فی حمایة البیئة والمحافظة علیها، قبل الحکومات والمؤسسات الدولیة، والقوانین السابقة واللاحقة، فقبل الیوم بأکثر من ألف وأربعمائة عامة وضع القواعد والتشریعات التی تضمن حمایتها والعنایة بها، وصیانة عناصر الحیاة فیها، وقد ترجم الفقه الإسلامی هذه القواعد والأحکام إلى ممارسات عملیة. فمن الأحکام التی أقرها الإسلام حمایة المیاه: مراعاة حریم مصادرها، ومنع الاعتداء علیه، فیهدم ما یبنی فیه ولو مسجداً، وذم السرف والتبذیر فی الماء لما فیهما من استنزاف المصادر، وهدر الطاقة، ورتب على تلوث المیاه عقوبات شدیدة فی الدنیا والآخرة. واعتبر الإسلام أن المحافظة على الهواء نقیا خالصا جزءاً من المحافظة على الحیاة نفسها التی هی مقصد أساسی من مقاصد الشریعة، وسبق علماء البیئة فی العنایة بخلو الهواء من الملوثات، وللحد من تلویث الهواء دعا إلى تشجیر الأرض وزراعتها، ونهی عن تقطیع الأشجار لغیر حاجة، لدورها فی توازن غازات الجو. ووجه الإسلام نظر المسلمین إلى ضرورة العنایة بالأرض فحث على إزالة النفایات والملوثات منها، ونهی عن الإفساد فیها، وحث على مکافحة التصحر عن طریق الدعوة إلى إحیاء الأرض الموات، وحض على العمار بالعمل والتنقیب عن موارد الرزق فی البر والبحر، وإقامة المدن والقرى والمصانع. ولأهمیة الحیوانات فی حیاة الإنسان حث الإسلام على الرفق بها ورعایتها والعنایة بها وحمیاتها، ویتضمن الفقه الإسلامی أحکاما کثیرة للتعامل مع الحیوان، بعضها حافظة لوجوده، وبعضها للرفق به. ولأهمیة النبات فی عمارة الأرض، وقیام الحیاة، والحفاظ على البیئة، حث الإسلام على الزراعة والغرس وأخبر صلی الله علیه وسلم، بثواب ذلک للمسلم، ما دام الغرس أو الزرع مأکولا منه، ولو مات زارعه أو غارسه، ولو انتقل ملکه على غیره، وما کان من النبات قائما، فقد عنی بحمایته من الفساد، وإبقائه للبهجة والارتفاق، ومن وسائل ذلک: منع التعدی علیه، وتخصیص محمیات طبیعیة له. فغایة الإسلام من المحافظة على البیئة وعمارتها: تحقیق مصلحة عباد الله کافة.
الکلمات الدالة: البیئة، البیئة الطبیعیة، الشریعة الإسلامیة، الفقه الإسلامى.