عنوان
الاحکام الشرعی بین الثوابت و المتغیرات
نویسنده
ناشر
مجله فقه اهل البیت، سال ۱۴۲۸، شماره ۴۸، ص.: ۱۶۱-۱۷۲.
تاریخ نشر
۱۴۲۸ق.
توضیح
اتّفق المسلمون على أنّ نبیّ الإسلام محمّداً (صلى الله علیه و آله و سلم) هو خاتم الأنبیاء ، وأنّ شریعته خاتمة الشرائع ، وکتابه خاتم الکتب ، وأنّ تشریعاته خالدة لا تنسخ إلى یوم القیامة ، فهی ثابتة ودائمة إلى أن یرث الله الأرض ومن علیها . هذا من جانب . ومن جانب آخر أنّ التطوّر الاجتماعی یستلزم تطوّراً فی قوانین المجتمع ؛ إذ القانون الموضوع فی ظرفٍ خاصّ ربما لا یجدی نفعاً فی ظرفٍ آخر ، ومقتضیات الزمان تختلف باختلاف المجتمعات وألوان الحیاة ، فما صحّ بالأمس قد لا یصحّ الیوم ، وما یصحّ الیوم ربما لا یصحّ غداً .
الناحیة الأخلاقیة والسلوکیة : إن التشریع الإسلامی حریص جدا علی صیانة الأخلاق وحفظها من الضیاع والانحلال ، ومما لا شک فیه أن فی تعاطی الخمر ولعب المیسر وشیوع الإباحة الجنسیة ضربة قاضیة للأخلاق ، وقد عالج الإسلام تلک الناحیة من حیاة الإنسان بتحریمها وإجراء الحدود علی مقترفیها ، فالأحکام المتعلقة بها تکون أحکاما ثابتة ودائمة مدی الدهور والأجیال ؛ لأن ضررها ثابت لا یتغیر بتغیر الزمان ، فالخمر دائما یزیل العقل ، والمیسر أیضا ینبت العداوة دوما فی المجتمع ، والإباحیة الجنسیة تفسد النسل والحرث دائما ، فتتبعها أحکامها فی الثبات والدوام . فالحکم الکلی الذی یعالج القضایا البشریة علی غرار الفطرة ثابت وخالد فی کل العصور والأزمنة وإن تطورت الأوضاع الاجتماعیة والسیاسیة واختلفت حاجات الناس ؛ فإن الأنظمة الإسلامیة والدساتیر الشرعیة تسایر الفطرة الإنسانیة الثابتة ، وتواکب الطبیعة التکوینیة ، ولا تتخلف عنهما قید شعرة ، فإذا کان التشریع معبرا عن الطبیعة التکوینیة الثابتة ومبتنیا علیها فیخلد بخلودها ویدوم بدوامها . إلا أن تحریم بیع الدم أو شرائه لیس حکما ثابتا فی الإسلام ، بل التحریم کان فی الزمان السابق تطبیقا لما أفادته الآیة من حرمة أکل المال بالباطل ، وکان بیع الدم فی ذلک الزمان مصداقا له ، فالحکم یدور مدار وجود الفائدة ( التی تخرج المعاملة عن أن تکون أکلا للمال بالباطل ) وعدم تحقق الفائدة ، فلو ترتبت فائدة معقولة علی بیع الدم أو شرائه فسوف یتبدل الحکم من الحرمة إلی الحلیة ، والحکم الثابت هنا هو قوله تعالی : ( ولا تأکلوا أموالکم بینکم بالباطل ).