الضوابط الشرعیة والقانونیة لنقل و زرع الأعضاء

توضیح

شهد العصر الحدیث تقدما علمیا هائلا فی المجال الطبی، لاسیّما فی مجال نقل وزراعة الأعضاء البشریة، وقد استهدفت هذه العملیات إنقاذ العدید من المرضى وعلاجهم من آلامهم وإعطاءهم أملا فی الشّفاء بعد أن أصبحت وسائل العلاج التقلیدیة لا تجدی معهم نفعا.
ولقد فرض التقدم الحاصل فی عملیات نقل وزرع الأعضاء حقیقة لا مفرّ منها، وهی ضرورة التعاون بین فقهاء الشریعة الإسلامیة والقانون والأطباء من أجل إنقاذ البشر، وذلک بوضع هذه العملیات فی إطارها القانونی والشرعی السلیم، فخطورة هذه العملیات فتح المجال أمام فقهاء الشریعة الإسلامیة والقانون للبحث فی مدى شرعیتها، ومن هنا تبرز أهمیة التطرق للضوابط الشرعیة والقانونیة لهذه العملیات.
تثیر عملیات نقل الأعضاء البشریة إشکالات طبیة وقانونیة ودینیة یطرحها موضوع البحث سواء تعلقت بنقل الأعضاء بین الأحیاء أو من جثث الموتى، ولذا کان من الضروری وضع نظام شرعی وقانونی واضح یبیّن ضوابط وشروط عملیات النقل، وذلک حمایة للمتبرعین بأعضائهم سواء کانوا أحیاءً أو أمواتا، لأنّ ترک هذه العملیات دون نظام قانونی صارم یفتح الباب أمام تجارة الأعضاء البشریة التی تقوم على استغلال عوز الأفراد لبیع أعضائهم. فما هی الضوابط التی وضعتها الشریعة الإسلامیة والقانون الجزائری لعملیات نقل وزرع الأعضاء من أجل حمایة کل من المتبرع والمتلقی؟ وما مدى نجاعتها فی تحقیق حمایة شاملة لکل الأطراف؟
هذا ما سأحاول الإجابة علیه فی هذه المداخلة من خلال تقسیم هذا البحث إلى مبحثین، أتناول فی الأول الضوابط الشرعیة لنقل وزرع الأعضاء، ثمّ أتطرّق فی المبحث الثانی للضوابط القانونیة لهذه العملیات.