عنوان
حقوق الزوجه الجنسیه دراسه فقهیه إستدلالیه
نویسنده
ناشر
مجله فقه اهل البیت، سال 1422، شماره 21، ص.: 91-122.
تاریخ نشر
1422ق.
توضیح
شهد القرن الحالی حرکةً نشطةً وواسعةً، استهدفت إعادة النظر فی مختلف قضایا المرأة، وقد ألقى هذا الأمر بظلاله على الساحة الفکریة الإسلامیة مولداً حرکةً فکریةً إسلامیةً أخذت على عاتقها إعادة برمجة الرؤیة التی نحملها کمسلمین حول المرأة.
على خط آخر، أخذ موضوع الجنس حیزاً کبیراً من جهود واهتمامات علماء القرن المیلادی العشرین سواء منهم علماء النفس أو الاجتماع أو الأخلاق أو الدّین أو…
وکنتیجة طبیعیة ومنطقیة کان ملتقى هذین المحورین ـ أی المرأة والجنس ـ هو الآخر على درجة عالیة من السخونة، تبعاً للحساسیّة التی یلعبها موضوعا المرأة والجنس بصورة منفردة.
ومن هنا، تبرز الحاجة لتحدید الموقف بدقّة إزاء مسألة العلاقة بین المرأة والجنس، وتتکشّف على هذا الأساس واحدة من المسائل الهامّة فی تحدید مفردة من مفردات هذه العلاقة وجانب من جوانبها، ألا وهی مسألة الحق الجنسی للزوجة.
وحیث إن علم الفقه ـ إسلامیاً ـ هو العلم المعنیّ بتحدید موضوع الحقوق والواجبات ومفرداتهما، کان موضوع الحق الجنسی للزوجة موضوعاً فقهیاً قانونیاً بالدرجة الأولى، وإن کان ینبنی ویرتکز على خلفیة فکریة ورؤیة فلسفیة للإنسان، ومن هنا تبرز الحاجة إلى محاولة تأصیل موقف قانونیّ إسلامی من هذا الموضوع، وهو ما سوف تحاول هذه الصفحات فعله. التاریخ الفقهی للمسألة وقد أثارت هذه المسألة فی مسارها التاریخی مواقف على المستوى الإسلامی اتسمت بشیء من التباین:1ـ أما على مستوى فقه السنّة،فقد ذکرت عدة آراء فقهیة لعل أبرزها:
أ ـ وجهة نظر ترى أن حق المرأة یتمثّل فی مقاربة واحدة فقط طوال فترة الزوجیة وإن کان الأفضل للرجل أن یعفّها، وقد نقل هذا الرأی عن أبی حنیفة النّعمان.
ب ـ إنه لا حق لها أساساً وبصورة مطلقة ، وهو الموقف الذی تبنّته مدرسة الإمام الشافعی.
ج ـ إن حقّها یتمثل فی مقاربة واحدة کل أربع لیال، وهو رأی مستظهر من کلمات الغزالی، وقد ذهبت إلیه المالکیة.
د ـ إن لها الحق مرةً واحدةً فی کل طهر، کما هو رأی ابن حزم الظاهری.
هـ ـ إن لها الحق مرة واحدة کل أربعة أشهر، کما هو رأی الحنابلة.
و ـ إنه لا تقدیر زمنیّ لهذا الحق، وإنما مناط المسألة هو تحقّق التحصین لها واکتفائها، وهو رأی ابن تیمیة، وله مؤیّدون فی وسط الباحثین المعاصرین فی الفقه السنّی أمثال الدکتور عبد الکریم زیدان([2]).
2 ـ وأما الفقه الشیعی،فوفق ما هو مطروح قد اتخذ ـ وبصورة عامّة ـ موقفاً شبه موحّد ـ تاریخیاً ـ إزاء مسألة الحقّ الجنسی للزوجة، حیث ذهب إلى أن لها حق الإتصال الجنسی على زوجها مرة واحدة کل أربعة أشهر هجریة قمریة، ولیس لها حق فی المقاربة زائداً على ذلک.
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى إلزام الرجل بمقاربة زوجته أزید من هذا المقدار حسبما تقتضیه الظروف فیما لو کان اقتصاره على مجامعتها مرة واحدة فی هذه المدة موجباً لوقوعها فی الحرام کالزنا([3])،حیث یکون مطالباً بتجنیبها من الوقوع فی المعصیة، استناداً إلى کونه مأموراً بأن یقی أهله من النار، کما دلّت علیه الآیة الکریمة([4]): ﴿یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَکُمْ وَأَهْلِیکُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ﴾(التحریم: 6).
غیر أنه قد ظهرت فی الفترة الأخیرة وجهة نظر رافضة لهذه الرؤیة فقهیاً، وقد حاولت وجهة النظر هذه أن توسّع من هذا الحق الجنسی للزوجة إلى الدرجة التی تماثل فیها حق الرجل ـ کزوج ـ جنسیاً، وذلک من دون إعطاء أیّ اعتبار لفکرة وضع تحدید زمنی ما للمقاربة الجنسیة([5]).