عنوان
صون الحیاة الخاصة للأفراد بین الاضطراب والثبات
نویسنده
ناشر
مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، سال 2018، شماره 6، ص.: 361 - 399.
تاریخ نشر
2018
توضیح
ینطلق البحث من ملاحظة أن حمایة الحیاة الخاصة ترتکز على موروث إنسانی عمیق أسهمت فیه الشریعة الإسلامیة بشکل ملحوظ ووفرت لها القوانین الوضعیة ضمانات جوهریة. ولا جدال فی أن الحق فی حمایة الحیاة الخاصة هو من الضمانات المتصلة بقیمة سامیة وهی حمایة کرامة الفرد کذات بشریة من کل انتهاک. وکرّست الصکوک الدولیة والدساتیر والقوانین هذا الحقّ بشکل صریح. ولم یمنع التبنّی القانونی الصریح لهذا الحق من تفاقم أوجه التعدی علیه بسبب مفارقة أبانت عن إشکالیة جدیّة: لقد بدت حریة الرأی والفکر والتعبیر والإعلام والنشر کمتطلبات للإنسان المعاصر تناولتها بدورها الصکوک الدولیة والدساتیر بالعنایة والدعوة لحمایتها.
إنّ ضمان الحقّ فی الحیاة الخاصة یشمل عدّة حقوق متفرّعة عنه تتعلق بحرمة المسکن وسریة المراسلات والاتصالات والمعطیات الشخصیة باعتبارها من مکوّنات شخصیة الفرد. وفی الآن ذاته تتفاقم الضغوطات المترتبة عن العمل الإعلامی الذی یُطالب بحریة أوسع وبدور «استقصائی» کاشف للتجاوزات دون أن تحول من تطلّعاته حرمة الحیاة الخاصة فهو بالتالی لا ینجو من نزعة التدخل غیر المشروع والرغبة فی الإثارة وکشف المستور وحتى النیل من الأعراض بغایة أو بأخرى.
إنّ هذه التغیّرات تفرض تصوّر موازنة جدیدة بینها وبین ضرورة منع التعدی على الحیاة الخاصة وضبط حدود دقیقة لحریة الإعلام والتعبیر. فالدستور التونسی الجدید حاول التوفیق بین تکریس صریح للحقّ فی حمایة الحیاة الخاصة والإعلان بأن الدولة هی التی «تحمیه»، من جهة (الفصل 24)، وحریة الرأی والفکر والتعبیر والإعلام والنشر من أخرى (الفصل 31). ویمکن أن تقوم الموازنة الجدیدة على معیار أساس الحقّ أو الحرّیة ومدى اتّصاله بکرامة الفرد.
وأمام ظهور مقاربة أولى انتشرت بالخصوص فی أوروبا تجعل من حمایة الحیاة الخاصة مجرّد استثناء لحریة التعبیر والنشر، تقترح الدراسة مقاربة أخرى تُرجع لصون الحیاة الخاصة مکانته الحقیقیة کمبدإ قد یتحمل بعض الاستثناءات ولکنه لا ینحدر إلى رتبة الاستثناء.
وتبدو الآلیات الدستوریة والتشریعیة والقضائیة أنجع وسیلة لتدعیم ضمان حمایة الحیاة الخاصة. وتفرض هذه الآلیات أن تتمتع النصوص التشریعیة بدقة أکثر فی ضبط المعالم الجدیدة لضمان حمایة الحیاة الخاصة وأن تسهر الهیئات الدستوریة والقضائیة على مراقبة طبیعة ومشروعیة القیود التی قد تلحق بالحقوق الأساسیة لأهداف متعددة وذلک ضمانا لحمایة أنجع لحرمة الحیاة الخاصة فی جلّ أوجهها المعاصرة (حمایة الهویة – حمایة المراسلات – حمایة الصورة – حمایة المعطیات الشخصیة – حمایة المعتقدات…). وتفرض طبیعة الإشکالیة تبنی منهجیة مقارنة فی التحلیل باعتبار تشابه التحدّیات التی یعیشها الحق فی الحیاة الخاصة فی کل المجتمعات الحدیثة بسبب تطور وسائل الإعلام والاتصال، بما یدعو للاستئناس بالتجارب المقارنة.
واژههای کلیدی: الصکوک الدولیة، الحیاة الخاصة، حقوق الانسان، الدساتیر التونسیة، النصوص التشریعة، الإجراءات الجزائیة