نظریة الفقه الإجتماعی عند الإمامیة

توضیح

لا شک أن للإسلام نظرة حول الأمة مفهوما ومصداقا یکشف عنها القرآن الکریم فی آیات متعددة وبالخصوص الأمة الإسلامیة بأن الله جعلها ((أمة وسطا))، ونعت الأمة بأنها ((خیر أمة أخرجت للناس))، فهو ینظر إلیها ککائن حی یحیى ویموت ((لکل أمة أجل)) ویمر بمرحلة التکلیف فلها ((ما کسبت وعلیها ما اکتسبت))، وقد عبر عن بعض وظائفها فقال: ((ولتکن منکم أمة یدعون إلى الخیر ویأمرون بالمعروف وینهون عن المنکر)). وبالتالی لابد من أن ینعکس ذلک فقهیا من خلال نظر الفقیه حین الاستنباط إلى الأمة بما هی أمة مخاطبة مبتلاه بالتکلیف، لا بالنظر إلى أفرادها کل على حده فحسب، ففرق کبیر بین أن ننظر إلى المسألة الفقهیة بلحاظ أن المبتلى بها فرد واحد، وبین أن تکون الأمة بأسرها أو طائفة منها مبتلاه بهذه المسألة. وهذا البحث یحوم حول نظریة الإسلام الذی تمثله مدرسة أهل البیت علیهم السلام فی الأسس والمبانی التی یمکن أن یصاغ من خلالها الفقه الإسلامی کقوانین تعکس النظریة الإسلامیة فی مقابل النظریات الغربیة التی حاول الغرب إقناع العالم بأن الإسلام عاجز عن شمول هذه الجوانب، بدعوى أنه تشریع صدر فی زمان ومکان معینین وهو مقید بهما. ومن ذلک نفهم الثمرات العملیة المهمة لهذا البحث، ومن هذه الثمرات إمکان صیاغة النظریات الإسلامیة الاقتصادیة والسیاسیة والعسکریة والتربویة وغیرها بشکل قوانین وأنظمة ولوائح قانونیة، بدلا عن صیاغتها بشکل مسائل منفردة فی الرسائل العملیة، والتقعید البنائی لکل نظریة، بحیث لا تکون مسائل متفرقة، وإنما یوجد جامع ومحور تدور حوله، وأسس تنطلق منها هذه القوانین. وبهذا یکون قد اتضح لنا سبب تسمیتها بنظریة الفقه الاجتماعی، لأنها تنظر إلى المجتمع والأمة کمکلف ومخاطب بالأحکام الشرعیة بوصفه وحدة واحدة، وبالتالی یکون التأصیل لها، بمثابة وضع حجر الأساس لدراسة جمیع النظریات داخل إطار الفقه الإسلامی، من خلال الرؤیة الإمامیة.
واژه‌های کلیدی: الإمامیة، نظریة الفقه الإجتماعی، النظریة الإسلامیة، التکلیف، الأمة، المجتمع، الرسائل العلمیة