عنوان
حکم الشورى فی الاسلام و نتیجتها (فایل منبع موجود نیست)
نویسنده
محل نشر
اردن
ناشر
تاریخ نشر
1988م.
زبان
عربی
توضیح
الشورى هي تقليب الآراء المختلفة ووجهات النظر المطروحة -في قضية من القضايا- واختبارها من أصحاب العقول والأفهام حتى يتوصل إلى الصواب منها، أو إلى أصوبها وأحسنها، ليعمل به حتى تتحقق أحسن النتائج.
وللشورى أهمية كبرى في أي تنظيم كان، أو أي جماعة من الجماعات، وترتكز عليها كل دولة راقية تنشد لرعاياها الأمن والاستقرار والفلاح والنجاح، ذلك لأنها الطريق السليم التي يتوصل بها إلى أجود الآراء والحلول، لتحقيق مصالح الأفراد والجماعات والدول.
فلا غرو إذن إذا رأينا الشريعة الإسلامية تهتم بالشورى وتعتبرها فريضة من فرائض هذا الدين، وقاعدة من قواعد الحكم في الإسلام، حفل القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة والسيرة النبوية العطرة بالحديث عنها. وعن حكمها، ومزاولة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لها في شتى مجالات الحياة.
ولقد شرع الإسلام الشورى لما فيها من فوائد جمة، وحكم جليلة تعود بالنفع على الفرد والمجتمع، إنها تسعد المجتمع، وتولد الثقة بين أفراده حكاماً ومحكومين. فالشورى مدرسة تربوية للأمة تظهر من خلالها شخصيتها، وتحقق ذاتها، وتعبر عن إرادتها وقناعتها ومواقفها الفكرية في قضاياها المصيرية.
إنها تدرب المستشار على المساهمة في الحكم والإدارة، وتغنيه بالتجربة، وجودة الرأي والتفكير. وهي خير وسيلة تكشف عن الكفاءات والقدرات، وبها يظهر الأكفياء، وتستفيد الأمم من كفاءاتهم.
إن الحاكم مهما بلغ من رجاحة العقل، وسعة الإطلاع، وكثرة التجارب، فإن رأيه يكون أقل صواباً فيما لو استبد به، مما لو استشار أصحاب العقول والأفهام، وأشركهم في أمره، فشاركهم في عقولهم. فالحاكم إذا استبد برأيه ولم يستشر غيره تأثر بهواه، ومن تأثر بهواه فقد ابتعد عن الصواب.
ولأهل الشورى اختصاصات في هذا الدين فهم الذين يقومون باختيار رئيس الدولة اختياراً أولياً أي يرشحونه للخلافة، ويبايعونه البيعة الخاصة، ثم يعرض الأمر على الأمة فتبايعه البيعة العامة، ولم يحدث في التاريخ الإسلامي أن أهل الشورى في بلد بايعوا رجلاً للخلافة، ورفضت الأمة هذه البيعة.
وأهل الشورى يملكون محاسبة رئيس الدولة وغيره من كبار الموظفين كالأمراء والوزراء، ذلك لأن الإسلام يفرض على الأمة أن تأمر بالمعروف وأن تنهى عن المنكر، فإذا رأت معروفاً قد ترك أو منكراً قد ارتكب وجب عليها أن تأمر بفعل المعروف المتروك، وتنهى عن المنكر المفعول.
فقد يقع رئيس الدولة الإسلامية في مخالفة شرعية أو مظلمة اجتماعية، أو جور بأحد أفراد الرعية. وهذه منكرات يجب انكارها وتغييرها. ولقد عاش المسلمون حياتهم السياسية، ينكر الواحد منهم ما يراه أو يظن أنه مخالفة دستورية، وكان هذا واضحاً في نفوس الناس حكاماً ومحكومين.
وأهل الشورى الذين اختاروا رئيس الدولة وبايعوه يملكون عزله، كذلك إذا رأوا أنه يستحق العزل، كأن يخل بالواجبات التي كلف بها، أو أصر على الرغم من كل النصائح التي وجهت إليه -على موقفه، وتعنت وتعدى وظلم.
ولقد اخترت أن أكتب في جانب من هذه الجوانب، وهو حكم الشورى ونتيجتها أحدد فيه أولاً موضع النزاع، وأذكر شذرات من أقوال العلماء وأدلة كل فريق على ما ذهب إليه، وأعرض الحوار بين الفريقين، وأسهم إسهاماً فعالاً في الحوار والمناقشة ثم اختار الرأي الذي أرجحه بالعقل.