إن الاعتناء بتراث الأمم هو من أسنى المقاصد و أعلى الغايات على الإطلاق، لأنّ فيه درك الأنساب و القرابات بين الأفراد و الجماعات على وجه تلحق فيه الفروع بالأصول، و توثق الصلات، و تعرف المقامات...يدل على ذلك كل مناظرة بين الخصوم؛ حيث التعويل على أمجاد الأجداد و ميراث الآباء. و لأن التراث استحضارا لطائفة من القيم و الأعراف و المكارم، وتحقيقا لمبادئ العزة و الأنفة، و ما صلاح التشريعات و النظم إلا بإقرار الموروثات الحضارية. فقد جاءت شريعة الإسلام بأحكام متعارف عليها؛ لئلا ينخلع المكلف عن عوائده فيقع عنت شديد. بل إن أصول الشارع لم تطرد، فخصّصت و قيّدت مراعاة لقاعدة العرف، كتجويزالمساقاة و الإجارة و المزارعة و السلم و الشركة و القراض...