كثُر السجالُ في الآونةِ الأخيرةِ حولَ إمكانيَّةِ شمولِ الشريعةِ الإسلاميَّةِ واستجابتِها لكلِّ الوقائع الحياتيَّةِ بما ينسجمُ مع متطلباتِ التطوّرِ المعرفيِّ الذي أفضى إلى تغيّر نوعيٍّ في الزمان والمكان، وبرزت معه إشكاليةُ إمكانيَّةِ الفقهِ في تأمينِ أحكامِ جميع حوادث زماننا المعاصر؛ فظهر للواجهةِ اصطلاحُ مِنطقةِ الفراغ أو مِنطقةِ العفو، والذي وجد فيه بعضٌ مخرجاً يعالجُ تلك الإشكالية، بيدَ أنَّ ذلك لم يكن واضحاً، حتى ظنّ بعضٌ أنّه يستلزمُ الاعتمادَ على العقلِ في تسيير حياةِ الإنسانِ مطلقاً من دونِ الحاجةِ للاستعانةِ بالشريعةِ؛ ولهذا جاءت بحوثُ هذا الكتاب لتكشفَ عن حقيقةِ ومعنى هذا الفراغِ وإمكانِه، ولترفعَ مساحةً واسعةً من الغموض فيه؛ مما يجنّبُ إساءةَ الفهم لحقيقةِ وواقع هذه المنطقةِ، خصوصاً بملاحظةِ أنّ البحثَ هنا بحثٌ مقارنٌ، يستعرضُ ويقايسُ بين آراء علماء مدرستين في الإسلام، ويَخرجُ بنتائجَ علميَّةٍ وعمليَّةٍ.